هذا السؤال أو التساؤل، يبدو للبعض سابقاً لأوانه، أو مغرقاً بالتفاؤل، ونحن لا ننكرذلك، لكن أيضاً من حقنا أن نتفاءل، بعد أن كنست الثورتان التونسية والمصرية، أكبرطاغيتين في العالم العربي، وأخطر عميلين للعدو الصهيوني، ومن حقنا أن نتفاءل، ورياحالتغيير تخفق في كل العواصم العربية، والصهاينة بدأوا يعيدون قراءة أوراقهم منجديد.
وعودة إلى ما بدأنا به لا بد من التأكيد على حقيقتين جعلتا تفاؤلنا ممكناً، وممكنا جداً:
الأولى: أن انتفاضة الحجارة المجيدة، وضعت حداً للمشروع الصهيوني التوسعي، حينما فاجأ جنرالات الحجارة العدو، بما لا يتوقع، ولا يحتسب، فاسقطوا مشروعه التوسعي، وأسقطوا قبل ذلك ورقة التوت، التي طالما أخفى بها وجهه الفاشي البشع، فإذا بالعالم أمام كيان عنصري، يمارس التمييز العنصري، والتطهير العرقي، بأحط صوره، لدرجة أن مسؤولين صهاينة كباراً، أعلنوا تبرؤهم من هذا الكيان الغاصب، وأبرزهم رئيس حزب العمل، ورئيس الكنيست الأسبق، حيث هاجر إلى بريطانيا، وفي تقديرنا، لو تعاملت السياسة الفلسطينية مع الانتفاضة بما تستحق، كحدث استراتيجي، ترك آثاره في كيان العدو، والعالم كله، لحققوا حلمي الدولة والعودة، لكنهم وقعوا في فخ " أوسلو" فأجهضوا الانتفاضة والثورة معاً.
الثانية: لأول مرة يظهر إلى العلن، تحذير مفكرين وسياسيين صهاينة، وخلال مؤتمر هرتسيليا، من الصراع الديمغرافي، الذي وصل إلى حدود تساوي عدد الفلسطينيين بعدد اليهود، ومن المتوقع أن يزيد عدد الفلسطينيين على عدد اليهود العام 2020، وهذا استحضر نموذج جنوب إفريقيا، حيث اضطرت أميركا وبريطانيا وفرنسا، وغيرها من الدول الغربية، التي كانت مؤيدة في السر للبيض وعنصريتهم، أن تنحني للعاصفة، وتقر بحق السود بتقرير المصير، ما ترتب عليه، إجراء انتخابات ديمقراطية، أدت إلى انتقال سلمي للسلطة، وتنصيب المناضل الكبير "نلسون مانديلا" رئيساً لجنوب إفريقيا، بعد أن قضى في السجن "28" عاماً، ومن هنا فإنه غير بعيد، أن يعيد التاريخ نفسه في فلسطين، كحل وحيد، أصبح مطروحاً، وهو حل الدولة الواحدة لجميع من يسكن فلسطين التاريخية.
وتجيء الثورات العربية المجيدة، كزلزال أسقط التابوهات التي حكمت العالم العربي، وأصبحت بمثابة الثوابت، التي لا فكاك منها، فأسقطت الأنظمة القمعية الاستبدادية الفاسدة، وأعادت الاعتبار للأمة ولقضيتها المركزية فلسطين، والمتابع لهتافات شباب الثورتين التونسية والمصرية، يدرك التحول الجذري، فهذه الجماهير التي تهتف "الشعب يريد تحرير فلسطين"، هي التي أثارت الرعب في أوصال العدو، بعد إنجاز المصالحة الفلسطينية وفتح معبر رفح، والمظاهرات المليونية في الذكرى "63" للنكبة، في الميادين العامة، وعلى حدود فلسطين، وأمام سفارات العدو، وحليفته واشنطن.
من هنا لا نبالغ، إذا تفاءلنا بأن الأمة قادرة على رد الغزوة الصهيونية، وتحرير فلسطين والقدس.
باختصار: في الذكرى "63" لنكبة فلسطين، نجزم بأن أمل العودة والتحرير، قد عاد من جديد يرتسم في الأفق العربي، ونجزم أن كياناً قائماً على العنصرية، لن يقوى على الاستمرار، وأن رياح التغيير التي عصفت بالأنظمة القمعية، ستعصف بهذا الكيان الغاصب، وتخلعه من الجذور، وأن غداً لناظره قريب.